الحرية لعلي أنوزلا

الجمعة، 5 يونيو 2009

خطاب أوباما..وخيبة الشعوب الإسلامية




لا ينكر أحد مدى الحرفية الكبيرة التي ألق بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابه للشعوب العربية والإسلامية من منصة جامعة القاهرة، دغدغ فيه العواطف بطريقة يحسد عليها، استشهد بآيات قرآنية وبالسيرة النبوية من أجل أن يجعلنا نؤمن بأن الولايات المتحدة لا تكن العداء للإسلام والمسلمين، بل بالعكس، تحترمهم وتقدرهم، لأن الإسلام، كما قال، كان له الفضل في تطور مجموعة من الميادين كالطب والجبر والهندسة والفلك والموسيقى..، وأن أول بلد اعترف بالولايات المتحدة كدولة هي المغرب، وأن العديد من المسلمين ساهموا في تطور الولايات المتحدة.. إلى غير ذلك من الكلمات الجميلة والرنانة التي حاول بها جلب تعاطف المسلمين، وأظنه نجح في ذلك.
لكن، ورغم أن هذا الأمر كان متوقعا، جاء تطرقه للقضية الفلسطينية مخيبا للآمال، أطنب في ذكر المحرقة وما عاناه اليهود في فترة هتلر، وما يعانوه الآن من "إرهاب" من قبل "حماس"، وذكر ذعر الأمهات والأبناء من الصواريخ (طبعا صواريخ المقاومة)، وذكر حقهم في موطن آمن يسوده السلام، ولم يتطرق البتة إلى معاناة الشعب الفلسطيني ككل، وإلى قطاع غزة بصفة خاصة. 
كان الأحرى، وتحقيقا للعدل الذي ينادي به، أن يذكر القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني كما ذكر "معاناة" الشعب الإسرائيلي، معاناة شعب محاصر ومهجر من أرضه، ويتعرض للإرهاب في كل لحظة، لم يذكر الجدار العازل الذي أنسانا جدار برلين، لم يذكر حق المقاومة في الدفاع عن نفسها.. تهرب من كل هذا، وذكر فقط حق التعايش بين الدولتين.. أي تعايش يقصد؟؟ كيف يمكن أن يتعايش الفلسطيني مع الإسرائيلي، وهو يراه كل يوم يغتصب أرضه، ويهدم بيته، ويحرمه من أبسط حقوقه؟؟
كان على الأقل، لو كان السيد أوباما صادقا مع نفسه ومع الشعوب الإسلامية، أن يطلب من الحكومة الإسرائيلية أن تقدم اعتذارا عن المحرقات التي قامت بها، على الأقل، في قطاع غزة، وتتعهد بتقديم تعويضات عن الخسائر التي لحقت بهذا الشعب المستضعف، الذي اتخذ من الحجارة الصغيرة سلاحا له لردع إرهاب الدبابات والصواريخ الصهيونية. وطبعا، فك الحصار عن القطاع حتى يتسنى للشعب الفلسطيني شم الهواء النقي الذي أصبح محتجزا وأسيرا كأصحاب الأرض، من كثرة أبراج المراقبة..
أما أفغانستان، والعراق، وإيران، فالسياسة بقيت كما هي، ترغيب وترهيب، ونبرة الترهيب كانت أشد من الترغيب، واللبيب بالإشارة يفهم..
خلاصة الأمر، هذا الخطاب "المقدس"، جاء اجترارا للخطابات السابقة لأسلافه، فلا أظنه سيفي بوعوده، اللهم إلا انسحابه من العراق في أفق 2012، لأن هذا الأمر في مصلحته لما يتكبد اقتصاد بلده من خسائر كل يوم في هذا البلد الصامد..
لم يتبق لنا سوى أن ننتظر ما ستفسر عنه الأيام من أحداث.. فهي خير برهان ستظهر صدق هذه الوعود من كذبها..
وكما نقول في المغرب: "اتبع الكذاب حتى لباب الدار"


هناك 5 تعليقات:

  1. لا اعلم لماذا نعقد آمالنا على الرئيس اوباما
    وكانه واليا او المهدي الذي كنا ننتظره
    في كل مناسبة نؤكد خيبتنا وضعفنا وذلنا
    شكرا لزيارتك
    تحياتي

    عاشقة الورد

    ردحذف
  2. مشكلتنا أختي الكريمة عاشقة الورد أننا ننساق بسهولة أمام حلو الكلام وعذوبته، ولا ندخل لباطنه أو نقرأ ما وراء سطوره.. إذا خاطبوا عاطفتنا نتأثر، وإذا مدحونا نغتر..
    لست أدري إلى متى سنظل نحلم بأن و.م.أ هي حامية العالم، ومن دونها لا نساوي شيئا..

    أسعدني كثيرا أختي عاشقة الورد مرورك هذا، وأرجو أن لا يكون الأخير..

    تقبلي ودي واحترامي

    ردحذف
  3. مرحباً صحبة
    مرورك بمدونتي أثرى الإدراج وزاده وضوحاً
    فالسياسة ليست لفلان أو علان ولكن ...
    السياسة مرسومة لهم ومن يخرج عنها سيجد ما لا يسره
    وأشكرك لدعوتك
    التي مكنتني من الاطلاع على مدونتك القيمة
    وقد اخترت هذا الإدراج للتعقيب عليه لأنه موضوع الساعة الأكثر أهمية والأقل نتيجة
    فقد وجدتك تتفق معي في كل ما قرأت
    وخلينا ورا الكداب لحد الباب
    كما قلت أنت ولكن بالمصري
    تحياتي وتقديري

    ردحذف
  4. أستاذي الفاضل محمود مرسي،
    أسعدني كثيرا ردك الطيب، واتفاقك معي في ما طرحت..
    أرجو أن لا تكون زيارتك هاته الأخيرة..

    تقبل ودي واحترامي..

    ردحذف