الحرية لعلي أنوزلا

الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

الإرادة


"الإرادة هي ما يميز الشخص القوي عن الشخص الضعيف، هي من تدفع الإنسان لتحد الصعاب والبحث عن الحلول لكل مشاكله وعقباته..
الإرادة مفتاح لشخصية مسؤولة لا تستسلم، ولا تنهزم في أول مواجهة لها مع العوائق.. ". كان هذا تقديم من الدكتور سعيد، أخصائي في أمراض القصبات الهوائية والجهاز التنفسي، استطرد قائلا: "دائما ما يشتكي المرضى من صعوبة إقلاعهم عن التدخين، بحجة أنهم لا يمتلكون الإرادة الكافية لتحقيق هذا الأمر، وأقول لهم، بل لديكم الإرادة.. كل و احد منا يمتلك الإرادة، غير أن شدتها تختلف من شخص لآخر. علينا أن نؤمن بقدراتنا، ولا يجب أن نستسلم لهاته الرغبة الجامحة في إشعال سيجارة نعرف مسبقا أنها مضرة بصحتنا ولا نفع منها أبدا. يجب أن لا نكون عبيدا لها، بل نحن أسيادها ويمكن أن نتخلص منها بانتفاضة واحدة.. نقول فيها: لا.. وألف لا.. لن تهزميني أيتها اللعينة، ولا تستطيعين سلب إرادتي.. قولوها الآن: جميعكم"، فردد جميع الحاضرين، في نفس الوقت، العبارة الأخيرة للدكتور، فداس كل من كان يدخن برجله على السيجارة، وهو يتنفس الصعداء، ويعقد العزم على الإقلاع منذ هاته اللحظة عن التدخين..
سلّم الدكتور سعيد على الحاضرين من على المنصة، ولملم أوراقه بسرعة، ودلف حجرة مجاورة، وأخرج سيجارة بسرعة، كمن كان عطشان يبحث عن ماء، أشعلها وأخذ يمتصها بشراهة ورغبة جامحة.. وهو يقول: "لا أستطيع الاستغناء عنك يا حبيبتي..".

السبت، 26 سبتمبر 2009

سعادة..



ظل يبحث دون جدوى عمن يزيح غمته وكآبته، لفتت انتباهه قصاصة معلقة في زقاق مظلم تشير إلى مكان وصف بأنه موطن السعادة الأبدية والقضاء على الهموم والمشاكل الشخصية.. استقل أقرب سيارة أجرة، واتجه صوبا إلى ذاك العنوان دون تفكير وهو يتخيل نفسه أن جميع همومه انزاحت.
دق الجرس، ففتحت له فتاة في مقتبل العمر، تلبس لباسا كاشفا لصدرها بشكل مثير، وتضع على وجهها ألوانا صارخة، حتى أصبحت كالدمية في معرض للعرائس.. قالت بصوت أنثوي حاولت قدر المستطاع أن يكون جذابا ومثيرا: "تفضل سيدي..أدخل.. فالبيت بيتك"، لم يصدق الرجل ما رآه، فهو لم يعتد في حياته دخول أمكنة لا يعرفها.. حدث نفسه بالعودة، إلا أن تلك الفتاة الجريئة أمسكته من ذراعه وأدخلته للمنزل بطريقة لم يستطع التملص منها.. كان المكان مصبوغا بالأحمر القاتم كلون الدم، تناثرت زهور حمراء هنا وهناك، وجد مجموعة من الغرف مغلقة وتصدر منها أصوات قهقهة مائعة.. سألها مستغربا ومستفسرا: هل هذا هو المكان الذي قرأته في إحدى القصاصات.. أم أني أتيت للمكان الخطأ؟؟ فأجابته وهي تصطنع الدلال: بل هو المكان الموعود.. مكان السعادة والمتعة و اللذة..
أحس بضيق في التنفس واختناق لم يعرف كنهه.. وأخذ العرق يتصبب منه رغم أن جو المكان لم يكن حارا.. خلع سترته علّه يحظى ببعض البرودة لكن دون جدوى.. وحينما رأت الفتاة أنه نزع عنه سترته، أدخلته فورا لتلك الغرفة الشاغرة وأغلقت الباب خلفها.. وقالت له: "هيت لك، أنت من بحث عني، وأتيت إلي طائعا.. ها أنا ذا كلي لك". صُدم الرجل من هول المشهد.. لم يكن يتوقع أن يجد أناسا بمثل هاته الصفاقة وهاته الجرأة لأن عالمه كان محدودا ومتواضعا.. لم ينتظر ليرى المزيد، بل خرج مهرولا من المنزل كمن تطارده الشياطين، وأخذ يصيح كالمجنون: اللهم رحماك.. اللهم رحماك.. لا سعادة إلا بك.. لا سعادة إلا بك..

الاثنين، 21 سبتمبر 2009

عيدهم ... وعيدنا



كانت تقف قُبالة أحد المتاجر التي تعرض ملابس العيد تنظر بحسرة لمثيلاتها كل واحدة تخرج بلباس جديد.. ظلت على هذه الحالة ترقب الداخل والخارج وهي تتخيل نفسها ترتدي تلك التنورة الحمراء التي أخذت لبها. لفتت انتباهها فتاة جميلة خرجت للتو مع والدتها لم يكد يتخطيانها بأمتار قليلة حتى سقطت قطعة حلوى منها دون أن تشعر.. جرت نحوها والتقطتها بلهفة، وأخذت تعدو فرحة إلى منزلها، فلقد حصلت على هدية العيد.

الأحد، 20 سبتمبر 2009

عيدكم مبارك سعيد



بالأمس كنا ندعو الله سبحانه أن يبلغنا رمضان، واليوم رحل عنا وحل عيد الفطر، عيد يفرح فيه المؤمنون بقضاء شهر عبادة وتقرب إلى ا لله..

حل يوم قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه"، فرحة الصائم بانتهاء أيام من الطاعات يرجو الله سبحانه وتعالى منها أن يغفر له ذنوبه ويجنبه النار ويدخله الجنة التي وعدها..

لكن، هل رمضان هو فقط شهر واحد أم العمر كله؟؟ الأصل في شهر رمضان هو الصوم عن المحرمات والتقرب إلى الله بالطاعات، وهذا الأمر على المؤمن الحق أن يجعله ديدن حياته كلها، لا شهرا واحدا في السنة، أيدركه أم لا..

على المؤمن أن يحافظ على ما كان يقوم به من أوراد وقربات في رمضان إلى غيره من الأشهر الأخرى، ويستشعر بوجود الله.. حتى يغفر الله ذنوبه ويجعله من المحسنين ..

وأخيرا.. تقبل الله منا ومن جميع أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صالح الأعمال، وجعلنا من عتقائه من النار، آميــن، آميــــن..

وعيدكم مبارك سعيد

كاميرا خفية


قرأ في إحدى الجرائد إعلان طلب ممثل للمشاركة في أحد الأفلام الضخمة، قال في نفسه: "هذه فرصتي كي أفجر كل طاقاتي وأرتقي سلّم النجومية".. صفف شعره بعناية، ولبس أحسن ما لديه. توجه صوب مكان الاختبار.. شاهد العديد من المنتظرين بأعمار مختلفة، كل واحد منهم كان يمني نفسه بأن يكون هو المختار.. بعد طول انتظار وترقب وتوتر حان دوره.. دلف إلى صالة كبيرة، وكان يجلس في أقصاها ثلاث فنانين ممن يشار لهم بالبنان، عرف بنفسه ونبرات صوته تنم عن توتر تشوبه مسحة خوف، عند انتهاءه، طلبوا منه أن يؤدي أحد الأدوار المبرمجة في المسابقة، استخدم كل مهاراته في التمثيل التي تعلمها، وبداخله إحساس أنه سيكون من المحظوظين، أوقفوه عند أحد اللقطات، وطلبوا منه تأدية دورٍ آخر مغاير، أدّاه ببراعة منقطعة النظير، وكان يرقب تعابير وجه هؤلاء الحكام التي كانت تنم عن الرضا بما يصنع.. وعند انتهاء العرض، صفقوا له بحرارة، وقالوا له: نشكرك كثيرا، لقد شاركت معنا في الكاميرا الخفية.

السبت، 19 سبتمبر 2009

قهوة الصباح



جلس على أقرب طاولة، وطلب قهوة الصباح، أخذ يرتشفها بكل هدوء وينظر أمامه بطريقة ثابتة. كانت في الجهة المقابلة سيدة في مقتبل العمر تعتمر قبعة وترتشف هي الأخرى القهوة، رأته ينظر إليها فلم يعجبها ذلك، أخذت تلوح له من بعيد أن يشيح بنظره عنها، إلا أنه لم يعرها أي اهتمام واستمر على ما هو عليه.. استشاطت غضبا وقررت أن تلقنه درسا لن ينساه.. عندما وصلت إليه، نهض الرجل بكل هدوء، بعدما وضع ثمن القهوة على الطاولة، وأخذ يتحسس بعصاه الطريق.


الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

صائم والله أعلم




أنهى عمله على عجل وهو يرقب الساعة كأنه على موعد مع حدث هام.. حث الخطى نحو المنزل وفي طريقه تعثر، فصبّ جام غضبه على ذاك الحَجر الذي كان السبب.. حملق فيه أحد المارة ببله، فأسمعه ما كان يعرفه من قاموس الشتائم حتى ندم هذا المار على مروره من ذلك الطريق.. لم يكد يصل للمنزل حتى أذن المؤذن لصلاة المغرب، فقال: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله"، فأخذ يتناول الطعام بشراهة..