الحرية لعلي أنوزلا

الجمعة، 18 مايو 2012

خلف الأسوار -ج5


لمن فاتته الأجزاء السابقة، إليكم روابطها:

***************

خفقت قلوب عائلة كريم وحبيبته، فنظر إليهم وقال وهو يبتسم:
"لقد حانت اللحظة التي انتظرناها طويلا".
ثم توجه نحو والدته، فقبّل رأسها ويديها، وسألها الدعاء له بالتوفيق، فقالت له:
"أنا راضية عنك يا بني، صحبتك السلامة"، وأخذت تقبّله والدموع تنهمر منها، كأنها لن تراه بعد الآن.
ثم نظر كريم إلى والده، وقبّل يديه، وطلب منه نفس الطلب، فقال والده:
"صحبتك السلامة يا بني، وأنصحك بالمحافظة على صلاتك، وفروض دينك، فأنت ستذهب لبلاد غارقة في الفتن. فاحفظ الله يحفظك، وكلما ذاقت بك ذائقة فتوجه إليه بالمناجاة ليُيَسّر لك كل أمورك، وأسأله سبحانه أن يوفقك في عملك الذي أنت مُقبل عليه".
"سأفعل يا والدي إن شاء الله. سأعمل بجد وتفان كما ربّيتني وعلّمتني، وسأواظب على فروضي الدينية كلها، فالمسلم هو سفير لدينه في حلّه وتِرحاله".
"صدقت يا بني، المسلم سفير لدينه في كل مكان"، قالها الحاج أحمد وهو يبتسم في وجه ابنه.
بعد ذلك اقترب كريم من حبيبته سعاد، فاحتبست الكلمات في حلقه. هي أيضا لم تستطع الكلام، فتركت الدموع تنهمر من خديها الورديتين، ثم أدخلت يدها في جيب سترها وأخرجت صورة لها مدّتها لكريم الذي نظر إليها مبتسما وقال:
"عزيزتي، سأضع هاته الصورة داخل القلب والروح والوجدان، فهناك مكانها، وسأراسلك باستمرار"، ثم قبّل جبينها، وحمل حقيبته وتوجه نحو البوابة التي طُلب منه التوجه إليها.

أخذت عيون والديه وحبيبته تتابعه إلى أن غاب عن الأنظار، فعاد كل واحد منهم إلى منزله.
استقلّ كريم الطائرة، وجلس على المقعد المخصص له وهو يتلو دعاء السفر، ثم سمع المضيفة تقول للراكبين بثلاث لغات: "مرحبا بكم على متن سفينة الخطوط الملكية المغربية، المرجو من جميع الركاب المحترمين ربط أحزمة الأمان وغلق كافة الأجهزة الإلكترونية لضمان سلامتكم. نتمنى أن تمضوا رحلة ممتعة معنا"، ثم أغلقت جهاز الأنترفون.
أغمض كريم عينيه واستغرق في النوم إلى أن أيقظته مضيفة من غفوته وهي تقول له مبتسمة: "سيدي، تفضل قائمة الطعام الذي لدينا، اختر ما تريد منها".
أجابها بابتسامة مماثلة قائلا: "لا أريد طعاما، فقط لو أمكن، أريد عصير البرتقال، وقطعة من الحلوى".
"سيكون جاهزا بعد قليل".
"شكرا لك".
"العفو".
ثم تركته المضيفة، لتذهب عند باقي الركاب. بعد برهة من الزمن، عادت إليه المضيفة وهي تحمل كوبا من عصير البرتقال الطازج، مع قطعة حلوى. شرب كريم العصير والتهم الحلوى، ثم عاد للنوم مرة أخرى إلى أن استفاق على وقع صوت مضيفة تطلب من الراكبين ربط أحزمة الأمان مرة أخرى لأن الطائرة ستهبط على مطار إيطاليا الدولي، بعد أن قضت ما يقارب ثلاث ساعات في الجو. ربط الجميع أحزمتهم، ثم هبطت الطائرة بسلام.
نزل كريم من سلم الطائرة، وأخذ يستنشق هواء إيطاليا الذي كان يُمني نفسه به، ثم توجه نحو المكان المخصص للأمتعة في خطوات رشيقة. حمل حقيبته بيده، توجه بعد ذلك إلى المكان المخصص للاستقبال، فشاهد ساحة كبيرة تعج بالمسافرين وأهاليهم، يتبادلون القبلات والتّحايا، وفي زاوية شاهد مجموعة من الأشخاص يحملون لوحات بها أسماء الآتون إلى إيطاليا. أخذ يبحث عن اسمه بتوتر حتى قرأه في لوحة يحملها شخص متوسط القامة، أسود الشعر، حليق الذقن، يبدو عليه أمارات موظف الشركة التي سيعمل فيها.
توجه إليه كريم مباشرة وقال له مبتسما باللغة الإيطالية:
"سيدي، مرحبا، أنا صاحب هذا الاسم".
نظر إليه الموظف، وابتسم بدوره وقال:
"مرحبا بك سيدي كريم بإيطاليا، نرجو أن يعجبك المقام بيننا". ثم أردف قائلا: "اسمي أنطونيو، أحد موظفي شركة المعلوميات بروما، طُلب مني أن أستقبلك بالمطار وأن أكون دليلك لهذا اليوم حتى تستقر في المكان الذي خصّصناه لك".
"المكان الذي خصصتموه لي"، قالها كريم بتعجب وهو يهز حاجبيه.
فأجابه أنطونيو قائلا:
"نعم سيدي، شركتنا من مميزاتها أن تأخذ على عاتقها توفير السكن لمستخدميها بالقرب من مقرها الرئيسي، حتى لا يضطروا إلى البحث عنه في مناطق بعيدة قد تعيق حركة إنتاجيتهم".
علَت السّعادة قلب كريم بسماعه لهذا الامتياز الذي كان يحمل همّا كبيرا له، ثم قال:
"أظن أني محظوظ بهذا العمل إذن".
ضحك الاثنان، ثم استقلا سيارة خاصة في اتجاه الإقامة الخاصة بالمستخدمين. توقفت السيارة أمام عمارة كتب على بابها الرئيسي "مقر سكنى موظفي شركة انفورماتيكا للأسهم المالية"، ثم دخل كريم وأنطونيو إليها، وصعدا المصعد نحو الطابق الرابع. مدّ أنطونيو مفتاح شقة كريم، وطلب منه أن يكون أول من يدخل لتلك الشقة.
"باسم الله، على بركة الله"، قالها كريم وهو يدير مفتاح منزله الجديد، ثم دخل وهو فاغر فاه من شدة إعجابه بمقر سكناه، ثريا تتوسط غرفة الضيوف، سرير من النوع المريح بغرفة النوم، ومطبخ من الطراز الرفيع، لم يشاهده إلا على شاشات التلفاز، وحمام برخام إيطالي أصلي. ثم نظر إلى أنطونيو قائلا:
"هل هذا منزلي حقا؟؟!"
"نعم، هو كذلك سيدي" قالها أنطونيو وهو يبتسم، وأردف: "كل شقق هاته العمارة مثل هاته، فشركتنا لا تميز بين موظفيها، فهي تأخذ بمبدأ السّواسية في كل شيء".
"إذن، سأعمل بكل جهد وتفان" قالها كريم وهو ينظر إلى منزله الجديد بانبهار تام.
"هذا ما نأمله منكم سيدي، وبعد إذنكم، سأترككم الآن لتأخذوا قسطا من الراحة، وغدا سأعرفكم على مقر الشركة الرئيسي".
"تفضل سيدي أنطونيو، صحبتك السلامة".
ثم صافح كل واحد منهما الآخر، فغادر أنطونيو وترك كريم يجوب غرف منزله بسعادة وهو يقول في نفسه: "أين أنت يا سعاد حتى تري هذا المنزل".
بينما هو يتجول في كل ركن من سكناه إذ به يسمع رنين بابه، فاستغرب وتوجه نحو الباب وتساؤلات عديدة تدور في مخيلته عن ماهية هذا الزائر،
و
يتبع..

هناك 6 تعليقات:

  1. يا ترى من هو الزائر ؟ هل هي سعاد أم طيفها هههههه
    تحياتي أخي خالد كأنني أشاهد فيلم بكل تفاصيله

    ردحذف
  2. أخي خالد
    لم أقرأ أي جزء و لن أقرأها حتى تكتمل القصة
    و بعدها سأعود لك بتحليل خاص
    دم طيبا

    ردحذف
  3. صباحكِ ورد خالد

    وياسلام على حرفكِ وقصصكِ

    أسعدني الصباح هنا

    دمتم بكل ود

    ردحذف
  4. أعدت قراءة كل الأجزاء التي فاتتني
    ومازلت أنتظر النهاية
    فقط لا تخبرني أن القصة كلها كانت حلما :)
    سلامووووووو

    ردحذف
  5. اسمح لي أخي العزيز بكل فخر أن أقول لك كم أنت مبدع حقاااااااااااااا
    أمتعتني بالقصة وأسلوب الرواية والانتقال، ناهيك عن اسلوب التشويق الهااااااااااائل.. ^__^

    ردحذف
    الردود
    1. 9isa ra2i3a choukran lak .antadiro nihaya

      حذف