الحرية لعلي أنوزلا

الجمعة، 23 أبريل 2010

خيانة من نوع آخر






دلف إلى بيته منهكا جراء عمل يوم مضني، وكان يُمني نفسه بأن تستقبله زوجته بتلك الابتسامة الجميلة التي دائما ما تفعل مفعول السحر فيه، فينسى بذلك تعب اليوم وهمومه.. رمى مفاتيح البيت على المنضدة الخشبية، ونزع سترته. كان يمشي متثاقلا نحو المطبخ من أجل شرب كوب من الماء المثلج ينسيه حر اليوم، وهو في الطريق، سمع صوت زوجته في غرفة النوم وهي تضحك بشدة ومن كل قلبها، لم يعر الأمر اهتماما، قال: ربما تتكلم مع إحدى صديقاتها، لكن كلمة واحدة قالتها تحفزت لها جميع حواسه، حتى ذاك التعب الذي كان يظهر عليه اختفى دفعة واحدة، تسلل حتى اقترب من باب الغرفة، وأرخى أدنيه وهو يسمعها تقول للطرف الآخر:
نعم يا حبيبي، يا ملاكي، اشتقت إليك كثيرا .. كثيرا، واشتقت إلى تلك الجلسات التي كنا نجلسها خلسة عن الجميع ونستمتع بوقتنا... هاهاهاهاا.. حبيب قلبي وروحي.. لم أكن أعرف أن زواجي سيشعل في هذا الشوق وهذا الحب كله، أتعلم، أشتاق إليك أكثر مما أشتاق لزوجي... هاهاهاها..
لا يمكن.. أظنني أحلم، كيف لامرأة أحببتها منذ زمن طويل،وكنت لا أرفض لها أي طلب أن تخونني مع غريب، وتتكلم معه بهاته الصفاقة ومن دون حشمة.. يا لها من مخادعة، ويا لي من غبي، كنت في الآونة الأخيرة ألاحظ شرودها وحزنها ولم أعرهما أي انتباه، حسبتها متعبة من البيت ولوازمه، ومن شغب الأبناء، لكن يظهر أن ذكرى الحبيب الآخر هو من كان يسبب لها هذا الحزن وهذا الشرود.. لا يا أحمد، يجب أن تنتقم لكرامتك ولشرفك، ماذا سيقول عنك الناس، يعيش مع زوجة خائنة.. يخاف من امرأة.. ربما سحرت له وجعلته طوع أمرها.. لا..لا.. سأقتلها وأشرب من دمها، سأرد كرامتي التي ضاعت..
استقرّ عزمه على هذا الأمر، وتوجه مباشرة إلى قبو المنزل، حمل منها عصى البيزبول الطويلة، وهو يضرب بها راحة يده ببطء وتحفز.. واتجه مباشرة إلى غرفة نومه بخطوات متسللة محاولا جهد الإمكان أن لا يصدر منه أي صوت. فتح الباب، وكانت زوجته تعطيه ظهرها، ولم تلحظ دخوله، سمعها وهي تقول: يمكنك أن تأتي عندي غدا عندما يكون زوجي في الشغل، وسنقضي يوما رائعا نتذكر فيه أيام شقاوتنا.. أوكيه..
ازداد غضب الزوج وهو يسمع هذا الكلام المستفز، ورفع العصا إلى الأعلى عازما على تكسير جمجمة زوجته، وهو في طريقه إلى الأسفل، توقفت يده بسرعة وفي اللحظة الأخيرة وعلى بعد سنتميترات قليلة من رأس زوجته عندما سمعها تقول: يالله سلام يا ميدو، وابء سلم لي على أختي سارة وبابا وماما..
فأسقط العصا وجثى على ركبتيه وهو يبكي بحرقة، ويقول: سامحيني..


الرباط في 20/05/2009

هناك 6 تعليقات:

  1. هههه حتى أنا شكيت فيه مايكون غير ميدو
    ههه
    الخيانة أنواع ، وأعتقد ان القليل فقط من لازالوا ملتزمون بالطريقة التقليدية للخيانة
    كنت هنا
    سلامووووو

    ردحذف
  2. السلا عليكم أخي خالد.

    قصة جميلة وهادفة لها بعد أخلاقي، نستشف منها عبرا يمكن أن نأخذ بها في قضايانا الإجتماعية..
    من بين ما أثار تفكيري هو قابلية الإنسان أن يسيطر عليه الشك القاتل، والظن المميت، حتى يفقد كل الموازين التي يمكن أن تجعله يمتلك ولو جزءا من التريث وعدم اتخاذ قرار مصيري يندم عليه.
    والفكرة الثانية هي سوء الظن بالأخر وعدم التحري والبحث عن دليل قطعي يبين صحة ماهو مظنون.
    شكرا لك أخي على القصة، وانك دائما تتناول ما هو مهم.
    رشيد

    ردحذف
  3. السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
    أسلوبك رائع و فيه تشويق يشبه الى حد ما اسلوب الكاتب احسان عبد القدوس
    تسلم الأنامل و تعليقي على القصة سبقني اليه الأخ رشيد فهاتين النقطتين هما محور القصة الشك و سوء الظن بالآخرين

    و شكرا لزيارتك مدونتي دمت بخير

    ردحذف
  4. إذن، نصيحة اليوم: لا تحتفظ بعصا البيسبول :P

    يا ربي! لدي واحدة، من يريد تجربة دغدغتها ^_^

    أحاول تخيل القصة لو تبادل الطرفان دوريهما، بكل تأكيد لن يتمهل الجنس اللطيف في إصدار قراره، ولن يستعمل عصا بيسبول واحدة.. ستكون كارثة! إليك أحكي واسمعي يا سناء، أقصد يا جارة..

    ردحذف
  5. لذلك انا لا احتفظ بأسلحه ثقيله بالبيت ؟؟

    ردحذف
  6. قصة جميلة باسلوب سلسل تعلج قضية من قضايا شكرا لك

    ردحذف