رآها من
بعيد جالسة على كرسي في حديقة، تحملق في مرآة وتعدل خصلات شعرها التي انسدلت على
جبينها.. اقترب منها وأفكار تتزاحم بين تنايا رأسه عن كيفية مبادرتها بالحديث..
توقفت عن النظر إلى المرآة، حينما جلس بقربها.. التقت نظراتهما، ولم ينبس أي أحد
منهما ببنت شفة، كأن على رؤوسهما الطير. استجمع شجاعته، وبادرها بالكلام قائلا: "مرحبا".
لم تجبه، وعادت للنظر إلى المرآة، أعاد المحاولة أكثر من مرة دون فائدة، وعند
محاولته الأخيرة، ارتطم بصوت أجش يقول له: "كفى، لست ممن تريد التعرف إليهم".
لم يصدق أذنيه، التفت وراءه ظانا أن الصوت آت من خلفه، لكنه تفاجأ بالفراغ يحيط
المكان الذي هو فيه، ولا يكسره غير هذه الجميلة التي تجلس بقربه. نظر إليها مرة
أخرى، وقال: "لم أسمعك جيدا، ماذا قلت؟"، أجابته وهي تقوم من مقعدها،
وصوتها بدا أكثر حدة وهي تقول: "لست ممن تريد التعرف إليهم، أنا رجل يا هذا،
ولست فتاة". ألجمت المفاجأة هذا المتودِّد، وخرس لسانه. وظل في مكانه يتابع
ذاك الشاب يتمايل مثل الفتيات، فتحسر على زمن الرجولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق