الحرية لعلي أنوزلا

الجمعة، 14 يناير 2011

عندما تنتفض الشعوب




مازلنا نتابع ما يجري في تونس والجزائر من انتفاضة شعبية ضد غلاء المعيشة والبطالة. هاته الانتفاضة التي عرت زيف ادعاءات الأنظمة الحاكمة وتحطيم شعارات "التنمية" التي ما فتئت هاته الأنظمة تتبجح بها أمام القاصي والداني، خصوصا الدول الغربية حتى تخطب ودها وتحلب منها المزيد من الإعانات الدولية التي لن تجد طريقا للشعب بل سيكون جيب النظام وأذنابه هو محطتها الأخيرة.

ما أعجبني في هاته الانتفاضة، ليس العنف الذي طال الممتلكات العامة والخاصة، بل ذاك الاتحاد بين جميع فئات الشعب للخروج للشارع والتظاهر من أجل إسماع صوتهم الذي ظل حبيس حناجرهم لسنوات أو قرون خلت، لأن غالبية الأنظمة العربية تحكم بالحديد والنار، وترهب كل من يصدح صوته بالحق إما بالسجن أو الاختطاف والتعذيب، أو القتل في أسوء الحالات.

سمعنا كثيرا عن الحرية والعدالة والديموقراطية، لكننا لم نع معناها إلا بعد ما جرى ويجري في تونس والجزائر، وما كان قبلهما في سيدي إفني بالمغرب. كل دولة من دول العالم الثالث عندما تريد أن تكسب تعاطف الغرب تصدح بهاته المصطلحات وتكذب على شعوبها وتصدق كذبتها، ونسيت أو تناست أن الكذب مهما طال وانطلى على العقول، سيأتي يوم تنجلي فيه الحقيقة وينقشع الضباب الذي خيم على الأفهام، وتخرج الأصوات من الحناجر مدوية مجلجلة، وقد لمسنا هذا الأمر في الجزائر وتونس منذ مدة، منذ أن ازداد التضييق بشدة على الحريات العامة، واعتقال الشرفاء من مدونين ومثقفين ومعارضة مخافة أن يشعلوا نار "الفتنة"، فتنة الانقلاب عن النظام الغاشم، لكن ما لم يضعوا في الحسبان هو أن كثرة الضغط تولد الانفجار، وكثرة القمع تولد المناعة ضد الخوف من العصي، لأن من ضاق العصا مرة واحدة يكتسب مناعة منها دائما.

اليوم هو يوم تاريخي عند الشعب التونسي، لأنه استطاع ليس فقط توصيل صوته للعالم، بل بسببه تنحى رئيس البلاد عن الحكم وفرّ هاربا إلى الخارج بعد حكم عسكري دكتاتوري قمع فيه جميع الحريات مدة 23 عاما، وكان يأمل أن يظل في الحكم إلى الممات رغم تصريحه بأنه سيتنحى عنه سنة 2014. لم أفهم، شعبه انتفض مدة شهر كامل وطالب بتحسين ظروف المعيشة لكنه لم يحرك ساكنا حتى بدأ يطالب بتنحيه عن السلطة، آنذاك صرح بأنه لن يبق وسيحقق رغبات الشعب، لكن هذا الأخير علم أن كلامه ما هو إلا در للرماد في العيون، وأن حليمة ستعود لعادتها القديمة فور تهدئة الأوضاع وانسحاب الشعب من الشوارع، لكن هيهات، الشعب "عاق وفاق"، وها هو الآن يتنفس أخيرا عطر الحرية، ويبق الآن انتخابات نزيهة وإرادة حقيقية من أجل اختيار رئيس يصلح ما أفسده سلفه، ويحقق إرادة الشعب المنتفض في عيش بلا خوف في بلاد تحقق فعلا معنى الحياة الكريمة والحرية والعدالة..

وها هي الجماهيرية الليبية تستبق الأحداث وتخفض أسعار المواد الاستهلاكية خوفا من انتفاضة شعبها هي الأخرى..

والأردن كذلك ..

والبقية تأتي..

فإلى حكامنا العرب،

أما آن الأوان أن تسمعوا صوت الشعب وتحققوا رغباته..

ألا تعلمون أن أول الغيث قطرة..

ألم تقرأوا يوما ما قاله الشاعر التونسي "أبو القاسم الشابي":

إذا الشعب يوما أراد الحياة **** فلابد أن يستجيب القدر

ولابد لليل أن ينجلي **** ولابد للقيد أن ينكسر

فأفيقوا يرحمكم الله قبل أن تقبروا وأنتم نيام..

واللبيب بالإشارة يفهم..

ورحم الله شهداء تونس الأبرار والجزائر، من أزهقت أرواحهم في سبيل الحرية والكرامة..

هناك 9 تعليقات:

  1. إزيك يا خالد
    أنا كنت لسه بكتب كلمات كامل الشناوي
    وكأنها لسان حال تونس والتوانسه .. فهم فخرنا الآن

    وصاح من الشعب صوت طليق
    قوى ، أبى ، عريق ، عميق
    يقول : انا الشعب والعجزه
    انا الشعب لا شىء قد أعجزه
    وكل الذى قـاله أنجزه !!
    ****
    أنا الشعب لا أعرف المستحيلا
    ولا أرتضى بـالخلود بـديلا
    بلادى مفتــوحة كالسماء
    تضم الصديق ؛ وتمحو الدخيلا
    انا الشعب ، شعب العلا والنضال
    أحب السلام ، أخوض القتال
    ومنى الحقيقة .. منى الخيال !!

    ردحذف
  2. ما حدث في تونس فاق كل التوقعات ...حرق لمراحل الثورة بكل المقاييس.

    أملي ان ينعم شعب تونس بجرعة اضافية من الحرية والحياة الكريمة ..بعدما كانت ضربا من المستحيل


    شكرا لك على هذا المقال الرائع

    ردحذف
  3. نتمى فعلا أن يأخذوا العبرة من انتفاضة تونس والجزائر، فللشعب إرادة ولكن يستهين بها الكثيرون..

    تبارك الله عليك خويا خالد

    ردحذف
  4. السلام عليكم
    يا ليتهم يعلمون ثم يعقلون ويعملون
    يا ليتهم الى شعوبهم ينظرون
    يا ليتهم لخالقهم يراقبون

    ردحذف
  5. نتائج الثورة التونسية فاجءت التونسيين أنفسهم
    أعتقد أنها أنجح ثورة للشعب منذ الأزل بمعية الثورة الفرنسية
    تحية لرجال تونس
    و هنيئا لهم بسقوط الطاغية
    في انتظار تكريس المكتسبات و إجراء انتخابات نزيهة تنتج قيادة يختارها الشعب

    شكرا لك أخي خالد

    ردحذف
  6. متى انتفاضة المغرب يا ترى ؟؟؟

    ردحذف
  7. بلغ السيل الزبى
    نفد صبرهم فأنتفضوا وتحرروا.هنيئا لهم
    ننتضر نهاية المسلسل
    متى ينفد صبر البقية وتعلن تحررها؟؟؟!!!

    تقبل مروري
    تخياتي لك

    ردحذف
  8. عندما تنتفض الشعوب
    يحدث التغيير

    ردحذف